تتهادى جارفة رواسي القلوب و أوتاد العقول
و كم حارَ المحبون حين جرحتهم أجنحة الكلمات
الرقيقة!
و قد كانت أرواحهم من أسرها طليقة ..
الحرف يبني الصروح و يجلي الفتوح
حين تخطه أنامل راجفة
بالصدق و الوفاء كاشفة ..
فما مكنون مشاعرنا إلاّ لغة ثرّة
تتراقص مَزهوَّةً في كساءِ حروفٍ حُرّة ..
اجهد جهدك يا صاحبي
فما أنت إلاّ أسير للكلمة المجروحهْ
للجُملة المثقلة بالآلام، لحرفٍ بَدَت قروحهْ ..
أنا قلبٌ صدحتْ أغانيه مبلّلةً بأرقّ أحاسيس
الحبّ
قد فُتِحت جرُوحه فسالت دماهُ أودية من الأسى و التأوّه و الصراخ
والندب ..
أنا لطيفةٌ ربانيةٌ ترنو للمجد محلِّقَةً في
فسيحِ الأكوان ..
أنا لوعةٌ لم يسمع أنّاتها غير ربّ السماء و
كفى به سميعا بصيرا ..
ليست تطيب لي الحياة بلا حياة أخرى
حياة باركتها يد الله
يلهج فيها حلقي بالذِكرِ و الآه ..
فلا خير في قلبٍ طروبٍ لا يعرف النحيب
و لا خير فيه إذَا انطوى و أَدَارَ ظهراً لربٍّ
مجيب ..
على هذا الايقاع بنيتُ حظ نفسي،
لوعةٌ طيُّها روعة،
و بهجةْ كلما عَلَت تخللها من البكاء ضجّةْ ..
دموعٌ مبتسمة و ابتسامٌ باكي ..
أخذٌ و عطاء ..
فقرٌ و غنًى ..
فقرٌ إلى الله و غنى بالله. !!
ما أهملتُ رسائلك
و قد كنتُ مجيباً لك و سَائِلك ..
شكرا على تفَضُّلِك و حسن ظنّك و تكرُّمك ..
إنما كتبتُ حرفًا صادَفَ نزفًا
و كان منك تجاوُبٌ على صداهْ
فامتدّ حديثنا و ما بلغ مداه ..
فما رُمتُ غير رقص الكلمات و عطرها،
فكان منك تناغمٌ زانهُ وقْعُها ..
أما عن الإبحار
فقلبي خاف منه و حار،
لا لخوف الغرق
و في التجاويف لؤلؤٌ و غَدَقْ،
لكنما لا أريدها عناوين بل فصول الروايةْ،
في طيّاتِها خيرٌ و كفايةْ ..
صباحٌ أحلى فيه الحبيب تجلّى ..
الشمس بزغت و القمر تدلىّ
هل سأرفض فيضَك؟ كَلاّ ..
انثر عبقك يا رقيق الشعور فالشعور أغلى ..
لا تترهل بل اركض هاذي مراقصي أنت بها أَولى ..
الحب عنيفٌ رهيفٌ و ذا سرُّه حيَّرَ الأكوان و
الكُلاَّ ..
إنْ دَاهَمَنِي الفناء فقلبي معك يبقى يتسلَّى ..
من قرأ حرفي كان مصيره الذوبان ..
و من تشرّب معانيه أصابه الهذَيان ! ..
حين أكتب فإنما أسقي خمرا
و حين تقرؤني تلمسُ جمرَا ..
فأنت مصاب لا محالة
و لن تنصفك عندي العدالة ..
لن يستقيم أمرك إلا حين أظلمُك،
و حين أظلمك تنال مبتغاك و ينْتَظِمَ نبضك و
دمُك ..
اخترتِ طائعة -و أنت ظمئ- لهباً
و كان يكفيك في وحدتك ماءاً بجوارك عذباً ..
فليس عندنا إلا ما يصهر الحديدْ
لنزيد في نبضك عمرا مديدْ ..
هذه جِوارنا قد تكرّمت
و ما تحرّمتْ ..
فارتعي في جنانها
و اكرعي من قِنانها ..
فأنت و ما تأخذين :
أثمار عالية
أو أطمارٌ بالية ..
و في الحالتين
أنت الغالية أنت الغالية ..
كلماتك تبدو مُشفَّرهْ
و أريدها ظاهرة معبِّرهْ ..
و المعاني منك تساقطت مبَعثرة
فهل هي لِما رُمتُهُ مقرِّرَهْ ؟ ..
خذي من نبض قلبك قنطرهْ
ما يجلي أمامك فيافي صحراءٍ مُقفِرهْ ..
صِلاتي معك بين حمدٍ و ثرثرهْ
فيها من الطِيب مِسكًا و عنبرهْ ..
لا تخافي لا تراعي أنت ضيفٌ أنت طيفُ جِنانٍ
مُزهِرهْ ..
هل نكتب الكتاب و نوصد الأبواب فالسماء أمطرت و
الرعود مزمجِرهْ ..؟
يحدوك أملٌ وثَّاب
كالطير لكنه اقتحم أدغالاً و غابْ ..
قد كان بيننا زواج حرفٍ بحرفْ
فأنجبا جرحاً و نزفْ ..
على عتبة الحب لا نزيد
و من فيضها نأخذ ما نريد ..
هل توافقينْ ..
يا من أمرها لا يزال عصيًّا لا يلينْ !؟
على أوتار الرباب نعزف لحناً و إشراقَا ..
و النفس لما بعد الطلب توّاقة ..
لكنما يا طيبة قد أفصحتُ إفصاحًا برَّاقَا..
فإن رضيتِ كانت ساقيتنا صافية رقراقة ..
فحرفي من حرفك يطلب رباطاً لا طلاقاَ
فمُدِّي إليّ يديك ..
و امنحيني حبًّا و
انعتاقا ..
----------